في أعماق المجموعة الشمسية، بعيدًا عن حرارة الشمس وضجيج الكواكب الداخلية، يدور كوكب غريب في سكون شبه تام.
أورانوس، سابع الكواكب بعدًا عن الشمس، وأحد أكثر الكواكب غموضًا في نظامنا الشمسي. ما يميّزه ليس فقط لونه الأزرق الباهت، بل أيضًا ميله المحوري الغريب، وبرودته الشديدة، وهدوءه الظاهري الذي يخفي عالمًا معقدًا من الظواهر.
أول كوكب يُكتشف بالتلسكوب
اكتُشف أورانوس عام 1781 على يد الفلكي البريطاني ويليام هيرشل، وهو أول كوكب يُكتشف باستخدام التلسكوب، مما جعله بداية عصر جديد في علم الفلك. قبل ذلك، كانت الكواكب المعروفة تقتصر على ما يمكن رؤيته بالعين المجردة.
عملاق جليدي لا يشبه غيره
على الرغم من تصنيفه مع كوكبي المشتري وزحل كـ”كواكب عملاقة”، إلا أن أورانوس يختلف عنهما من حيث التركيب. فهو يُصنف كـ”عملاق جليدي”، لأن باطنه يحتوي على كميات كبيرة من الجليد المائي والأمونيا والميثان، إلى جانب الهيدروجين والهيليوم.
اللون الأزرق وسرّه
اللون الأزرق الجميل الذي يميز أورانوس ليس بسبب المياه، بل نتيجة لوجود غاز الميثان في غلافه الجوي. هذا الغاز يمتص الضوء الأحمر من أشعة الشمس ويعكس الأزرق، مما يعطي الكوكب مظهرًا باردًا وساحرًا في آنٍ واحد.
الميل المحوري الغريب
أكثر ما يميز أورانوس هو ميله الشديد: فهو يدور على جانبه تقريبًا، بميل محوري يبلغ نحو 98 درجة. هذا يعني أن فصوله شديدة التطرف، وأن أحد قطبيه يواجه الشمس بشكل مباشر لفترة طويلة، بينما يغطّ في ظلام طويل في النصف الآخر من مداره.
ويُعتقد أن هذا الميل غير العادي ناتج عن اصطدام هائل حدث في وقت مبكر من تاريخ الكوكب، غيّر اتجاه دورانه بالكامل.
الغلاف الجوي والعواصف
رغم أن أورانوس يبدو هادئًا من بعيد، إلا أن العلماء اكتشفوا وجود عواصف سريعة الرياح داخل غلافه الجوي. وقد تصل سرعة هذه الرياح إلى أكثر من 900 كيلومتر في الساعة، رغم أن الكوكب نفسه لا يُظهر الكثير من التفاصيل أو النشاط على السطح كما يفعل المشتري أو نبتون.
الأقمار والحلقات
يمتلك أورانوس أكثر من 25 قمرًا معروفًا، معظمها سُميت بأسماء شخصيات من أعمال شكسبير. أشهرها: ميراندا، أرييل، تيتيانيا، وأوبيرون.
كما أن له نظامًا من الحلقات، لكنه خافت وأقل وضوحًا من حلقات زحل، وقد اكتُشف في عام 1977.
أبرد كوكب في المجموعة الشمسية
رغم أن نبتون أبعد عن الشمس، إلا أن أورانوس هو الكوكب الأبرد. فقد تصل درجات الحرارة على سطحه إلى ما دون -224 درجة مئوية، وهي أقل حرارة مسجلة في النظام الشمسي. السبب وراء هذه البرودة غير مفهومة تمامًا، لكن يُعتقد أن الكوكب يفقد حرارة أقل من غيره بسبب تركيبه الداخلي الغامض.
رحلة وحيدة حتى الآن
المركبة الوحيدة التي زارت أورانوس كانت “فوياجر 2” التابعة لوكالة ناسا، وذلك في عام 1986، ومرّت به مرورًا سريعًا من دون أن تدور حوله. ومنذ ذلك الحين، لم تُرسل أي مهمة مخصصة لدراسته عن قرب، رغم مطالبة العلماء ببعثات جديدة للكشف عن أسراره.
في الختام
أورانوس هو كوكب لا يشبه غيره. ببرودته، ميله المحوري، وتركيبه الفريد، يمثل لغزًا علميًا يستحق الاستكشاف. ورغم بعده وصمته الظاهري، إلا أن ما يخفيه قد يغير فهمنا لتشكّل الكواكب ولتوازن القوى في أطراف النظام الشمسي.


Leave a Reply